دخل "المقدم" قاعة الصلاة بعد آذان الظهر , رمق الجالسين بنظرة حذرة وكأنه يدخل المكان أول مرة , صلى ركعتين ثم قصد رفا لا بعد كثيرا عن المنبر , تناول مصحفا متوسط الحجم مزركش الغلاف و عاد حيث صلى. فتح دفتيه و بدأ يهمهم بكملات غير مسموعة , فجأة توقف عن الهمهمة و الحيرة تكسو وجهه , بدأ يقلب الصفحة تلو الصفحة , يتوقف عند بعضها ثم يتابع البحث عن شئ ما .يرتفع صوت المأموم بإقامة الصلاة فوضع ذلك المصحف أمامه وأخد مكانه في الصف.
ما أن نطق الفقيه " السلام عليكم ورحمة الله " حتى انتفض المقدم ومتأبطا ذلك المصحف , وقف في مدخل المسجد و كلما خرج أحدهم يستوقفه في انتظار خروج كافة المصلين. سأله الفقيه :
ـ ما الأمر يا المقدم ؟
ـ مصيبة . أجاب المقدم بسرعة.
ـ أعوذ بالله من المصائب , اللهم أجِرْنَا من المصائب .
يجيب المقدم في ثقة زائدة :
ـ أنتم نيام و لا تدرون ما يحدث بالقرية , يجب أن أبلغ القائد حالا قبل أن تكبر القضية .
بمجرد سماعهم القائد ارتعدت أوصالهم , لا أحد يحتمل صراخه و شتائمه التي لا تستتني صغيرا و لا توقر كبيرا . و إذا ما زار القرية ستتعطل كل المصالح و يترك البسطاء حقولهم عرضة للعطش لإستقباله و إطعامه.
تقدم الفقيه إليه و قد بعثر الخوف و الحيرة ذلك الإيمان الذي كان يزين وجهه :
ـ ماذا حدث بالضبط يا رجل و يتطلب استدعاء المخزن ؟
أحس المقدم بفضله على كل رجال القرية عندما اكتشف هذا الإكتشاف الذي لا ينتبه إليه إلا ذو علم وافر و نظرة ثاقبة فقال في تكبر و