كنت حريصا على أن أصف له المغرب بأجمل الصفات , تعالى يا صديقي لترى روعة الطبيعة في مضايق تودغى لترى جمال الصحراء في واحات درعة ,لتستمتع بغروب الشمس في شاطىء أكادير , كان هو يتحاشى الحديث عن "المغرب الطبيعة" و يفضل النبش في "المغرب الإدارة" يحلو له الحديث دوما عن الرشوة , الفساد الإداري , الفقر المدقع الذي تعيش فيه الغالبية العظمى . كنت أنفي ما استطعت أن أنفيه, و أحيانا- في لحظات ضعفي – أبحث لتلك المظاهر عن تبرير كما يفعل هؤلاء الذين يحكموننا عندما يخطبون علينا في التلفاز. ربما لأيماني بتلك الحكمة المغربية القائلة : » عارنا مايجيب خباروا غيرنا « لذلك كنت أحارب في رأسه كل فكرة تسيء إلى هذا الوطن غير السعيد, لكني كنت أرقم على الماء لأنه يعلم ماأجهله و يعرف عن المغرب ما لا يعرفه عنه أهله يحكي :
» استوقفني شرطي و طلب مني وثائق السيارة وجواز السفر , تفحصها بعناية ثم قال :
- لماذا لم تضع حزام السلامة؟
- لأن القانون المغربي لا ينص عليه ,
- بل ينص عليه .
- أرى معظم السائقين بدون حزام سلامة لذلك قلت لو كان مفروضا لفرض على المواطنين أولا قبل الأجانب .
- القانون المغربي يفرض حزام السلامة كما في قانونكم تماما .
- أنا آسف سيدي لم أكن أعلم بذلك.
- و ما هو الحل؟
لم أفهم قصده في البداية قبل أن أتذكر ما قاله لي أحد العارفين بشؤون المغرب ؛ إذا وقعت في ورطة كيفما كانت ما عليك إلا أن تمد يدك إلى جيبك وتخرج أول قطعة تصادفها أصابعك ؛ فأعطيته قطعة من فئة 50 درهم تلقفها و حياني متمنيا لي السلامة في الطريق «
إن هذا السائح يحكي الحقيقة التي لن أحجبها بغربالي المهترئ, فهل أحلف له بغيلاظ الإيمان أنه كذاب ، أم أقل له أن هذا مجرد حالة خاصة, لكني استلهمت ردا من سخريته الجارحة :ألم أقل لك أن المغرب أروع بلد في العالم ؟ لو كنت في أوروبا ووقعت في نفس الورطة , هل كنت ستخرج منها بما يعادل خمسين درهما , و بهذه السرعة و السهولة . لو ارتكبت في بلدك مخالفة كهذه لأقتطعوا من رصيدك مبلغا مهما و لو حاولت ارشاء الشرطي لأصبحت في ورطتين عوض واحدة، أما عندنا في المغرب الرائع فالمسألة سهلة مبلغ زهيد و يتمنون لك السلامة في الطريق و يتخيرون لك أحسن الدعوات