لا لهذا العنف!

أيها الأساتذة الأجلاء : إن أفكار التلاميذ جديرة بالأحترام مهما كانت غريبة متمردة و مشاكسة , علموا تلاميذكم طرق البحت عن الحقيقة , تلك الحقيقة النسبية و اتركوهم يختارون الطريق فكل الطرق ممتعة مادام يتم فيها إعمال العقل.

كان يصف أستاذ الإسلاميات بالرجعي و الظلامي و المتخلف, بينما كان هو يصفه بالملحد و الزنديق و الجاحد و أحيانا بالكافر , نحن حينها كنا نتفرج , عقولنا الناشئة في أمس الحاجة لمعرفة الحقيقة , ليس حقيقة الأستاذين , لا أبدا , من المخطئ و من المصيب , أحد تلاميذ القسم ـ سامحه الله ـ هو الذي أشعل بينهما فتيل الحرب الكلامية كان كالنمام بينهما يرفع أصبعه في حصة الإسلاميات:

ـ أستاذ قال لنا أستاذ الإجتماعيات كذا و كذا هل هذا صحيح

ـ أعود بالله , لا تصدقوا كلام الزنادقة و الملحدين

وفي حصة الإجتماعيات يرفع أصبعه بأدب سائلا :

ـ لو سمحت لقد سألنا أستاذ الإسلاميات عما أخبرتنا به في الحصة الماضية و قال لنا وقال كذا و كذا

ـ إنه ظلامي , متخلف و رجعي,,, ,,

أستاذ الإسلاميات كان يشبه كثيرا فقيه الدوار يحلل و يحرم يوزع الألقاب و المصائر ,أستاذ الإجتماعيات كان كالتيس يجوب الحجرة جيئة و ذهابا ,يخطب علينا و يشحن عقولنا الصغيرة بالكثير من الكلام , يحكي عن بطولاته في الجامعة,

كانا يمارسان علينا عنفا حقيقيا ,غير ذلك العنف الذي يخرج الدم و يزرق مكان الصدمة عنف آخر وخيم العواقب انقسم القسم إلى فرق لكل" قدوته " , فجأة إلتقيا قرب الإدارة , كان قلبي ينبض بقوة كنت أراقبهما ظننت أن ساعة الوطيس قد حانت ,انتظرت أن يبدءا بطرح من الشتائم. في تلك التواني القليلة التي سبقت لقاءهما تخيلته يمسك الأخ من لحيته ويقول له

:-" أنا زنديق ياك؟" و تخيلت الأخ يمسكه من لحيته و يخبط به الأرض مرددا :

-" أنا ظلامي ياك؟".

لكن ذلك لم يحدث و ضاع حلمي عندما رأيتهما يتعانقان ويتباوسان و تبادلا كلمات المجاملة العابرة و النفاق المتبادل , إنهما هما نفسمها الذين كانا يتبادلان الشتائم عبرنا , ويتهكمان في بعضهما البعض . تذكرت أستاذا آخر كان يسير عرضا يلقيه أستاذ آخر لما تناولت الكلمة قلت له رأيا لم يستسغه و إن كنت قد تكلمت بطريقة لبقة أهانني شر إهانة أمام الملأ كان رده جارحا لا يليق بأستاذ يخاطب تلميذا يخطئ و يصيب , تصببت عرقا تلونت بكل ألوان الطيف و أصبح وجهي كقوس قزح و استجمعت قواي لأتناول الكلمة دون إذن منه و سخرت بطريقة جارحة لن ينساها كما لم أستطع أنا أيضا أن أنسى رده الجارح , أيها الأساتذة الأجلاء : إن أفكار التلاميذ جديرة بالأحترام مهما كانت غريبة متمردة و مشاكسة , علموا تلاميذكم طرق البحت عن الحقيقة , تلك الحقيقة النسبية و اتركوهم يختارون الطريق فكل الطرق ممتعة مادام يتم فيها إعمال العقل

شكرا لك اخي على هدا الموضوع الهام. فالاهتمام بالاجيال الصاعدة شيىء مهم جدااا,واشكرك مرة اخرى..واصل ابداعك معنا